-->

إعلان بالهواتف فقط

إعلان بالحواسيب فقط

تظل المخاوف بشأن العواقب الكارثية المحتملة التي قد يجلبها تطوير الذكاء الاصطناعي حاضرة دائمًا في حياتنا اليومية. ونرى كل أسبوع أن هذه المخاوف تنعكس في وسائل الإعلام، حيث يدق الخبراء ناقوس الخطر. إنهم ليسوا على خطأ: فالذكاء الاصطناعي، مثل كل شيء تقريبا، يشكل خطرا على طول الطريق إذا تم استخدامه لأغراض غير مشروعة ودون أي أخلاق.

ومع ذلك، فإن الشيء الجيد في التكنولوجيا هو أنها تخفي الكثير من العجائب كما يمكنها أن تسبب المشاكل. وقد أظهر لنا DeepMind، مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي التابع لشركة Google، مثالاً جيدًا على ذلك.

بفضل أحدث التطورات، لم يعد الذكاء الاصطناعي ينظر إلى المستقبل فحسب، بل يساعدنا أيضًا على فهم أصولنا بشكل أفضل. وإذا كانت هناك حضارة تركت بصمة في تاريخ البشرية، فهي الإمبراطورية الرومانية.

أحدث مشروع كبير لشركة DeepMind هو Aeneas وقد تم نشره للتو في مجلة Nature. إنه نموذج ذكاء اصطناعي مصمم لقراءة واستعادة ووضع النصوص اللاتينية التي نجت عبر القرون في الأحجار أو المعالم الأثرية أو القطع الأثرية، وكثير منها متآكل أو غير مكتمل. ما كان يتطلب في السابق سنوات من العمل والنقاش الأكاديمي يمكن حله الآن في ثوانٍ بمساعدة هذه الأداة.

تم تدريب Aeneas ، الاسم اللاتيني لبطل حرب طروادة الأسطوري إينياس، على ما يقرب من 200 ألف نقش روماني وحرف لاتيني لتعلم أنماط الكتابة والصيغ المستخدمة في مناطق مختلفة من الإمبراطورية والهياكل اللغوية الخاصة بكل وقت. وبالتالي، فإنه يستطيع التنبؤ بالكلمات المفقودة في النص المجزأ، وتحديد أصله الجغرافي، وتقدير وقت كتابته بدقة نسبية.

اخترنا مجموعة بيانات ضخمة وموثوقة، ثمرة عقود من عمل المؤرخين لإنشاء مجموعات رقمية، وتحديدًا قواعد بيانات النقوش في روما (EDR)، وهايدلبرغ (EDH)، وكلاوس-سلابي (EDCS-ELT). نظّفنا هذه السجلات ونسقناها وربطناها في مجموعة بيانات واحدة قابلة للمعالجة آليًا، أطلقنا عليها اسم مجموعة بيانات النقوش اللاتينية (LED)، وتضم أكثر من 176,000 نقش لاتيني من جميع أنحاء العالم الروماني القديم، وفقًا لجوجل ديب مايند.

يعمل Aeneas  كنوع من المحقق الرقمي. عند إعطاء نص قديم (حتى لو كان غير مكتمل)، فإنه يقوم بتحليل ما هو أمامه باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي القائم على التكنولوجيا المعروفة باسم "المحولات"، على غرار ما تستخدمه برامج الدردشة الحالية.

أولاً، يقرأ النص اللاتيني، ويحاول إعادة بناء الأجزاء المفقودة، وفي نفس الوقت يحسب متى تمت كتابته. ولكي يعرف من أين جاء ذلك، يمكنه أيضًا النظر إلى صورة النقش، حيث أن الأسلوب البصري أو طريقة نقش الحروف يمكن أن يوفر أدلة.

ثم تتم مقارنة هذا النقش بـ LED، قاعدة البيانات الضخمة التي أنشأها Google DeepMind والتي تحتوي على مئات الآلاف من النصوص المتشابهة. ويتم ذلك بفضل نظام ينشئ نوعًا من "الأثر التاريخي" لكل نص. تحتوي هذه الطبعة على معلومات حول ما تقوله، واللغة التي كتبت بها، وكم عمرها، ومن أين جاءت، وما إذا كانت تشبه نقوشًا أخرى معروفة.

وفقًا لمطوريه، يقوم Aeneas باستعادة النقوش التالفة بدقة تصل إلى 73% في مساحات تصل إلى عشرة أحرف. وفي حين يعترفون بأن هذه الدقة "تنخفض إلى 58% عندما يكون طول الترميم غير معروف"، فإنهم يؤكدون أن هذا "يشكل مهمة معقدة بشكل لا يصدق".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة ل حوحو للمعلوميات 2025
تصميم و تكويد : بيكود